كتبت صحيفة “الجمهورية”: حتى الآن ليس في الأفق ما يؤشّر الى إمكان إخماد نار الحرب الممتدة من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، فإسرائيل

كتبت صحيفة “الجمهورية”: حتى الآن ليس في الأفق ما يؤشّر الى إمكان إخماد نار الحرب الممتدة من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، فإسرائيل كما يبدو جلياً، مُنحت فرصة جديدة من داعميها الدوليين لإكمال حربها التدميرية للقطاع بشقيه الشمالي والجنوبي، وتحقيق هدفها بالقضاء على حركة “حماس”.
وإذا كانت الحكومة الاسرائيلية قد عادت لتتوعّد بحسم الحرب والانتصار على “حماس” وتفكيك بنيتها، الّا انّ ذلك لا يزال موضع شك، ليس لدى اعداء اسرائيل فقط، بل في الداخل الاسرائيلي، وعلى لسان العديد من المعلّقين والمحلّلين الاسرائيليين السياسيين والعسكريين، حيث انّ بعضهم ركّز على فشلها في تحقيق ذلك، واعتبر انّ اقصى ما تسعى اليه بعد شهرين من الجولة الثانية من الحرب القاسية، هو التخفيف من وهج انتصار “حماس” التي مازالت تتحكّم بزمام الامور في غزة، ولم تستطع اسرائيل تجاوزها في مراحل تبادل الأسرى.
واللافت في هذا السياق، ما اوردته صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية امس، حول أنّ حكومة بنيامين نتنياهو، الذي يُحاكم من جديد بتهم فساد، أدارت ظهرها للأسرى، واعتبرت “انّ استئناف إسرائيل للحرب هو أكبر خطأ ارتكبته منذ هجوم 7 تشرين الأول الماضي، فالحرب أصبحت ثقيلة أكثر في مدتها وفي ما يُسفك فيها من دماء، مع أنّ أهدافها تتراجع وجرائمها تتراكم، حيث بدا اليومان الأولان من المرحلة المتجددة مروّعين، وبمثابة العودة إلى فقدان الإنسانية”.
ولفتت الصحيفة إلى “أنّ العالم عاد مرّة أخرى إلى المشاهد المروعة، حيث يموت الأطفال وهم يصرخون من الألم، ويُنقل المصابون وقد غطّى غبار المباني المنهارة أجسادهم الدامية، إلى عيادات لا تستطيع تقديم المساعدة لهم. ولم تعد غزة قادرة على التحمّل بعد الآن، ولم يعد هناك معنى لطلب النزوح من الشمال مرة أخرى، فالحال أنّ جنوب قطاع غزة يتعرّض للقصف العشوائي نفسه، وخريطة طريق الهروب التفاعلية التي تمثل مجد تكنولوجيا الجيش الإسرائيلي وأخلاقياته لا يمكن أن تنقذ ولا روحاً واحدة”.

توتر متصاعد
في موازاة استهداف اسرائيل للمدنيين في قطاع غزة بالتزامن مع عملية برية للجيش الاسرائيلي في جنوب غزة، تتصاعد وتيرة التوتر على جبهة لبنان الجنوبيّة، مع اشتداد وتيرة القصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي بالقذائف الفوسفورية الحارقة في اتجاه البلدات الجنوبية. حيث شمل القصف في الساعات الماضية تلة الحمامص، وخراج بلدة سردا، اطراف بنت جبيل، وحديقة مارون الراس، المجيدية، اطراف الخيام، سهل الخيام، القوزح، مروحين، عيترون، كفر كلا، دير ميماس، بليدا، ام التوت، اطراف الضهيرة، طير حرفا، الجبين، علما الشعب، احراج عيتا الشعب، حرج يارون، محيبيب وميس الجبل، ورميش.
وتزامن ذلك مع تزايد ملحوظ في العمليات العسكرية التي ينفّذها “حزب الله” ضدّ مواقع جيش العدو القريبة من الحدود الدولية، حيث أعلن عن استهداف “المقاومة الاسلامية” موقع البغدادي، موقع جل العلام، وتجمّعاً لجنود الاحتلال الإسرائيلي في حرج شتولا وموقع ‏الراهب، موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا ومزارع ‏شبعا اللّبنانيّة المحتلّة، تجمعاً لجنود العدو شرق مسكافعام، قوة مشاة في كرم التفاح شرق ثكنة برانيت، قوة مشاة في حرج حانيتا وموقع بركة ريشا. وأُفيد عن اطلاق 20 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه الجليل الاعلى بين مستوطنتي شوميرا ومتات.
واعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عن رصد اطلاق قذائف هاون من لبنان نحو موقع للجيش الاسرائيلي في بلدة التفاح، وردّ الجيش على مصادر النيران، واستهدف الطيران الاسرائيلي بنى تحتية لـ”حزب الله”، حيث استهدف مخزناً للأسلحة تابعاً للحزب. واشار الى انّ القصف على موقع عسكري في بلدة شتولا ادّى الى اصابة ثلاثة جنود اسرائيليين بجروح طفيفة.

تحذير من تصعيد واسع
وسط هذه الأجواء، تواصلت تهديدات المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية برفع وتيرة التصعيد ضدّ لبنان، بالتزامن مع معلومات موثوقة لـ”الجمهورية” عن تحذيرات متجدّدة للمسؤولين في لبنان عبر القنوات الديبلوماسية الغربية من “نوايا اسرائيلية جدّية بتوسيع دائرة الصراع في اتجاه لبنان، وإبعاد “حزب الله” الى منطقة شمالي الليطاني، وذلك لتوفير الأمان لمستوطنات الشمال وتبديد قلق المستوطنين الذين لا يستطيعون ان يتعايشوا مع “قوة الرضوان” المنتشرة في محاذاة الحدود”. ويبرز في هذا الاطار، ما اعلنه وزير الخارجية الاسرائيلية ايلي كوهين، من أنّ اسرائيل قد تلجأ الى الحل العسكري في حال عدم تنفيذ “حزب الله” القرار 1701. وقال: “في موضوع لبنان هناك خياران، الحل العسكري والحل السياسي، ولقد خاطبت رئيس مجلس الامن الدولي ووزير الخارجية الفرنسي وبحثت معهما القرار 1701، وذلك لمنع “حزب الله” من مواصلة العمل في الأراضي اللبنانية. ولكن أريد ان اقدّم اقتراحاً لـ(امين عام “حزب الله” السيد حسن) نصرالله؛ دعه يفتح التفاز ويرَ كيف يتمّ تدمير قطاع غزة. واذا كان لا يريد أن يحدث هذا في بيروت اقترح عليه أن يأتي وينفّذ القرار 1701″.

مداخلات
وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية”، أنّ مداخلات اميركية مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي تجدّدت بالتزامن مع الجولة الثانية للحرب الاسرائيلية على غزة، لمنع توسيع دائرة الحرب. فيما ارسلت باريس اشارات عن قلق متزايد لديها بعد استئناف إسرائيل لحربها في غزة، من انحدار الأمور نحو انفجار مأساوي كبير على جبهة الجنوب اللبناني”.

محاولات بائسة
وأكّد مصدر سياسي مسؤول لـ”الجمهورية”، أنّ “هدف دول الغرب من دون استثناء، هو تقديم الخدمات المجانية لإسرائيل، ويسعى في كل حراكه الى أن يوفّر لها الأمان والاطمئنان بإبعاد “حزب الله” عن الحدود، متجاهلاً أنّ من حق كل لبناني أن يتواجد في اي بقعة من لبنان. فالغرب لطالما نظر الينا بعين واحدة، حيث انّه من جهة يسعى الى الزام لبنان – الملتزم اصلاً- بالقرار 1701، ومن جهة ثانية يغضّ الطرف عن آلاف الخروقات لهذا القرار التي ارتكبتها اسرائيل، بل ويماشيها في اعتداءاتها وجرائمها”.
وفيما لم يقلّل المصدر المسؤول من احتمالات الحرب انطلاقاً من الجبهة الجنوبية، وخصوصاً انّ مؤشرات كثيرة تؤكّد أنّ اسرائيل تحضّر لحرب ضد لبنان، ابلغت مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” الى “الجمهورية” قولها، انّ الحزب معني بمواجهة العدو، واولويته حالياً نصرة الشعب الفلسطيني في غزة، وإشغال العدو على هذه الجبهة. وبالتالي فإنّ الحزب ليس معنياً في أن يبدّد مخاوف العدو، ولا مخاوف القلقين عليه، والتهويل الاسرائيلي بشن حرب، هو تهويل اليائس، وخصوصاً أنّ الاسرائيلي يعرف قبل غيره اكلافها عليه، واي محاولات لمنحه مكاسب على جرائمه في غزة وقتله لأطفالها، هي محاولات بائسة ايضاً، كما أنّ أيّ محاولة لفرض معادلات جديدة على حساب السيادة اللبنانية، يعرف العدو قبل غيره، انّه لو اجتمع كل العالم معه، لن يقدر على تحقيقها”.

استباحة لبنان
وفي تطور لافت، اعلنت حركة “حماس” في لبنان عن ولادة تنظيم عسكري مُسَلَّح تحت اسم “طلائع طوفان الأقصى”، ودعت الفلسطينيين الى الانضمام إلى طلائع المقاومين، والمشاركة في صناعة مستقبل شعبهم، وفي تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك”.
وبمعزل عن مبررات هذه الخطوة، فإنّ علامات استفهام تُثار حول مغزاها ومراميها، وخصوصاً انّها تشكّل استباحة موصوفة للسيادة اللبنانية، وتتعامل مع لبنان ككيان غير موجود، ارضه سائبة، لا سلطة فيها ولا دولة ولا شعب. وهو أمر يستدعي استنفاراً لكل الحريصين على لبنان لمنع تحويله منطلق لكل ما من شأنه أن يرتد بالضرر عليه، وخصوصاً انّ ثمة تجارب سابقة مع التنظيمات الفلسطينية ايام ما كان يُعرف بـ”فتح لاند” وما قبل العام 1982، وذاق مراراتها أبناء الجنوب وكل لبنان.
المصدر : admin
المرسل : Sada Wilaya